نبدأ من الأول: ليس في القرآن ما يدل على مكان قوم نوح عليه السلام, مع أن هناك ما يدل على الجبل الذي استقرت عليه السفينة وهو الجودي -سنأتي عليه إن شاء الله في حلقة قادمة- لكن عاداً بين الله تبارك وتعالى مكانهم: (( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ ))[الأحقاف:21], أنهم في الأحقاف, والأحقاف قطعاً من جزيرة العرب وإن اختلف التحديد بدقة.
وبعد ذلك ثمود, نجد أننا أمام حقيقة أوضح وأجلى وهي أن ثمود في جزيرة العرب، مدين بلا شك أنها في جزيرة العرب, نقترب أكثر بوضوح نجد أن إبراهيم عليه السلام وإسماعيل عندما بنيا الكعبة فلا شك أنها كانت هذه الكعبة وهذه مكة المعروفة أنها في جزيرة العرب؛ فأصبحت الآن قضية معلومة بالتواتر لدى البشر جميعاً.
ثم جاءت القضية التي أجلى من هذا كله مثل الشمس, وهي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من مكة ، من البلد الذي بنى فيه إبراهيم الخليل هذا البيت الحرام، فالقضية إذاً أصحبت ظاهرة وجلية أن تاريخ البشرية من الأول إلى الآخر مرتبط بهذه الجزيرة وبما حولها، وأنها مهد الحضارات وأنها منشأ التاريخ العالمي، والأنبياء جميعاً عاشوا عليها أو قريباً منها، وسواء اعتبرنا بلاد الشام كلها أو فلسطين جزءاً شمالياً لـجزيرة العرب أو ليس كذلك, المقصود أن هذه المنطقة هي مهد الحضارات.
في النهاية نجد أن أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام جميعاً من ذرية إبراهيم عليه السلام، وإبراهيم عليه السلام عروبته ثابتة من كونه آرامياً كما قالوا، ومما نعتقده نحن وما هو في تاريخنا وفي كتبنا من قدومه إلى مكة ومخاطبته لجرهم؛ وهم أصحاب إسماعيل عليه السلام.
الأستاذ عباس محمود العقاد -وهو ممن لا يتهم بـ القومية- أفاض في بيان ذلك إفاضة واضحة, والأستاذ محمد عزت دروزة له كتاب: تاريخ الجنس العربي , ذكر هذه الهجرات جميعاً، واعتبر أنها هجرات عربية, وأن هذا هو الجنس العربي, وطابق ذلك لغوياً.
موضوع اللغة الحقيقة يحتاج إلى تفصيل واسع؛ لكن دلالته واضحة جداً، فلا يستطيع الآن أي مستشرق أو أي باحث يبحث في الأديان القديمة أو اللغات القديمة إلا من خلال تعلم اللغة العربية, أما إن لم يتعلمها فلا يستطيع أبداً أن يصل إلى ما وصل إليه، وإن تعلمها ففي أقصر طريق يمكن أن يصل إلى النتائج التي أصبحت بحمد الله واضحة.
حتى أن بعض الباحثين المصرين أكدوا أن الكلمات الكثيرة المستخدمة في اللغة المصرية من أصل عربي؛ للتمثيل فقط الآن نضرب مثالاً واحداً: وهو أننا نجد أن المعبودات والآلهة المصرية هي عبارة عن صورة إنسان ورأسه رأس الصقر، وهذا يسمى (حور) أو (حورس) -السين زيادة يونانية- المهم (حور) وهي (الحرّ), والحر إلى اليوم اسم الصقر في اللغة العربية الحديثة وليس فقط في القديمة.
كذلك وجه القطة الذي يعبدونه -من الآلهة القديمة عندهم- يُسمى (بِس)، وهذه أيضاً في اللغة العربية المستخدمة الآن فضلاً عن وجودها في القديمة, وغير ذلك كثير جداً.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع